responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 231
[سُورَة النِّسَاء (4) : آيَة 137]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (137)
اسْتِئْنَافٌ عَنْ قَوْلِهِ: وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ [النِّسَاء: 136] الْآيَةَ، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الْكُفْرُ كَمَا عَلِمْتَ، فَمَا ظَنُّكَ بِكُفْرٍ مُضَاعَفٍ يُعَاوِدُهُ صَاحِبُهُ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ فِي الْإِيمَانِ، وَزَالَتْ عَنْهُ عَوَائِقُ الِاعْتِرَافِ بِالصِّدْقِ، فَكُفْرُهُ بِئْسَ الْكُفْرُ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْآيَةَ أَشَارَتْ إِلَى الْيَهُودِ لِأَنَّهُمْ آمَنُوا بِمُوسَى ثُمَّ كَفَرُوا بِهِ إِذْ عَبَدُوا الْعِجْلَ، ثُمَّ آمَنُوا بِمُوسَى ثُمَّ كَفَرُوا بِعِيسَى ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا بِمُحَمَّدٍ، وَعَلَيْهِ فَالْآيَةُ تَكُونُ مِنَ الذَّمِّ الْمُتَوَجِّهِ إِلَى الْأُمَّةِ بِاعْتِبَارِ فِعْلِ سَلَفِهَا، وَهُوَ بَعِيدٌ، لِأَنَّ الْآيَةَ حُكْمٌ لَا ذَمٌّ، لِقَوْلِهِ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ فَإِنَّ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْيَهُودِ كَفَرُوا إِذْ عَبَدُوا الْعِجْلَ، وَلَكِنَّهُمْ تَابُوا فَمَا اسْتَحَقُّوا عَدَمَ الْمَغْفِرَةِ وَعَدَمَ الْهِدَايَةِ، كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ لَهُمْ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ إِلَى قَوْلِهِ: فَتابَ عَلَيْكُمْ [الْبَقَرَة: 54] ، وَلِأَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ مَا عَبَدُوا الْعِجْلَ حَتَّى يُعَدَّ عَلَيْهِمُ الْكُفْرُ الْأَوَّلُ، عَلَى أَنَّ الْيَهُودَ كَفَرُوا غَيْرَ مَرَّةٍ فِي تَارِيخِهِمْ فَكَفَرُوا بَعْدَ مَوْتِ سُلَيْمَانَ وَعَبَدُوا الْأَوْثَانَ، وَكَفَرُوا فِي زَمَنِ بُخْتُنَصَّرَ. وَالظَّاهِرُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً أَنَّهُمْ كَفَرُوا كَفْرَةً أُخْرَى، بَلِ الْمُرَادُ الْإِجْمَالُ، أَيْ ثُمَّ كَفَرُوا بَعْدَ ذَلِكَ، كَمَا يَقُولُ الْوَاقِفُ: وَأَوْلَادُهُمْ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ الْوُقُوفَ عِنْدَ الْجِيلِ الثَّالِثِ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ أَنَّ الَّذِينَ عُرِفَ مِنْ دَأْبِهِمُ الْخِفَّةُ إِلَى تَكْذِيبِ الرُّسُلِ، وَإِلَى خَلْعِ رِبْقَةِ الدِّيَانَةِ، هُمْ قَوْمٌ لَا يُغْفَرُ لَهُمْ صُنْعُهُمْ إِذْ كَانَ ذَلِكَ عَنِ اسْتِخْفَافٍ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ.
وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ إِذْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ إِذَا لَقُوا الْمُؤْمِنِينَ، فَإِذَا رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ كَفَرُوا، وَلَا قَصْدَ حِينَئِذٍ إِلَى عَدَدِ الْإِيمَانَاتِ وَالْكَفَرَاتِ. وَعِنْدِي: أَنَّهُ يَعْنِي أَقْوَامًا مِنَ الْعَرَبِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ كَانُوا يَتَّجِرُونَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَيُؤْمِنُونَ، فَإِذَا رَجَعُوا إِلَى مَكَّةَ كَفَرُوا وَتَكَرَّرَ مِنْهُمْ ذَلِكَ، وَهُمُ الَّذِينَ ذُكِرُوا عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ [النِّسَاء: 88] .

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 231
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست